بسم الله الرحمن الرحيم نماذج عملية من أحوال السلف كان من عادة السلف أن يردد أحدهم الآية إلى الصباح ، يقرأون أسرار الآيـــات ويستشعرون معانيها بقلوبهم .. قال النووي "وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم الآية الواحدة ليلة كاملة أو معظمها يتدبرها عند القراءة " [الأذكار:50] ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا يقوم الليل كله بآية .. قال أبو ذر "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]" [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني] وعن القاسم قال : كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة أسلم عليها ، فغدوت يوماً فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور : 27] وتدعو وتبكي وترددها . فقمت حتى مللت القيام فذهبت إلى السوق لحاجتي ، ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي ، تصلي وتبكي . [صفة الصفوة (1:319)] وعن القاسم بن أبي أيوب : أن سعيد بن جبير ردَّدَ هذه الآية : { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ..} [البقرة : 281] بضعًا وعشرين مرة . [مصنف ابن أبي شيبة (7:203)] وردَّدَ الحسن البصري ليلة : {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل : 18] حتى أصبح ، فقيل له في ذلك ، فقال : "إن فيها معتبرًا ما نرفع طرفًا ولا نرده إلا وقع على نعمة ، وما لا نعلمه من نعم الله أكثر" [مختصر قيام الليل للمروزي :151] وقام أبو حنيفة ليلة كاملة بهذه الآية .. {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر : 46]، يرددها ويبكي ويتضرع .. وقال زيد بن الكميت : كان أبو حنيفة شديد الخوف من الله فقرأ بنا علي بن الحسين المؤذن ليلة في عشاء الآخرة {إِذَا زُلْزِلَتِ ..} وأبو حنيفة خلفه ، فظل قائمًا إلى الصباح وهو يقول : "يا من يجزي مثقال ذرة خيرًا خيرًا ، ويا من يجزي مثقال ذرة شرًا شرًا ، أجر النعمان عبدك من النار وما يقرب منها من السوء ، وأدخله في سعة رحمتك" [رهبان الليل : 1/396] قال أبو سليمان الداراني : "ربما أقوم خمس ليال متوالية بآية واحدة أرددها وأطالب نفسي بالعمل بما فيها ، ولولا أن الله يمنُّ عليَّ بالغفلة لما تعديت تلك الآية طول عمري ؛ لأني لي في كل تدبُّر علمًا جديدًا ، والقرآن لا تنقضي عجائبه" [تنبيه المغترين :120]