ـــــــــــــــــــ ( بدعية التسبيح بالسبحة والحصى والنوى ) حديث : ( كان يسبح بالحصى ) موضوع . الضعيفة برقم : (1002) قال محدث عصره فضيلة الشيخ الألباني – رحمه الله - : و هذا الحديث يخالف ما ثبت عن عبد الله بن عمرو , قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه " ... و ثبت عند أبي داود أيضا و غيره , أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يعقدن بالأنامل و قال : " فإنهن مسؤولات مستنطقات " و صححه الحاكم و الذهبي فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده ، إنما هو باليد , و باليمنى فقط فالعد باليسرى أو باليدين معا , أو بالحصى ، كل ذلك خلاف السنة و لم يصح في العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و " السنن و المبتدعات " و غيرهما و قد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على التعقيب الحثيث " فليرجع إليها من شاء التوسع في ذلك و استرواح بعض المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " و غيره غفلة منه لأنه عموم لم يجر العمل عليه و تجاهل منه لحديث العقدة باليمين لا يليق بمن كان من أهل العلم , فتنبه و لا تكن من الغافلين ــــــــــــــــــــ حديث : ( نعم المذكر السبحة ، وإن أفضل ما يسجد عليه الأرض ، وما أنبتته الأرض ) موضوع . الضعيفة برقم : (83) قال - رحمه الله - : ثم إن الحديث من حيث معناه باطل عندي لأمور : الأول : أن السبحة بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده (1) صلى الله عليه وسلم (1) : ويؤيد ذلك القول علماء اللغة إن لفظة ( السبحة ) مُوَلَّدة ، لا تعرفها العرب انظر صفحة (13) من الرد على الحبشي فكيف يعقل أن يحض عليه الصلاة و السلام أصحابه على أمر لا يعرفونه ? ! و الدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح القرطبي في " البدع و النهي عنها " ( ص 12 ) عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به ، فقطعه و ألقاه ثم مر برجل يسبح بحصا , فضربه برجله ثم قال : لقد سبقتم ! ركبتم بدعة ظلما ! و لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ! و سنده إلى الصلت صحيح , و هو ثقة من أتباع التابعين فالسند منقطع ثم روى عن أبان بن أبي عياش قال : سألت الحسن عن النظام ( خيط ينظم فيه لؤلؤ و خرز و نحوهما ) من الخرز و النوى و نحو ذلك يسبح به ? فقال : لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم و لا المهاجرات و لكن سنده ضعيف جدا الثاني : أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم , قال عبد الله بن عمرو : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه ) رواه أبو داود ( 1 / 235 ) و الترمذي ( 4 / 255 ) و حسنه و ابن حبان ( 2334 ـ موارد ) و الحاكم ( 1 / 547 ) و البيهقي ( 2 / 352 ) و إسناده صحيح كما قال الذهبي , ثم خرجته في " صحيح أبي داود " ( 1346 ) ثم هو مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال لبعض النسوة : " عليكن بالتسبيح و التهليل و التقديس , و لا تغفلن فتنسين التوحيد " و في رواية : "الرحمة و اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات و مستنطقات " و هو حديث حسن أخرجه أبو داود و غيره , و صححه الحاكم و الذهبي , و حسنه النووي و العسقلاني كما في " أمالي الأذكار " و له شاهد عن عائشة موقوف انظر " صحيح أبي داود " ( 1345 ) ... فإن قيل : قد جاء في بعض الأحاديث التسبيح بالحصى و أنه صلى الله عليه وسلم أقره فلا فرق حينئذ بينه و بين التسبيح بالسبحة كما قال الشوكاني ? قلت : هذا قد يسلم لو أن الأحاديث في ذلك صحيحة , و ليس كذلك فغاية ما روي في ذلك حديثان أوردهما السيوطي في رسالته المشار إليها فلابد من ذكرهما , و بيان علتهما : الأول : عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة و بين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل ? فقال : " سبحان الله عدد ما خلق في السماء .. " , الحديث رواه أبو داود ( 1 / 235 ) و الترمذي ( 4 / 277 - 278 ) و ابن حبان ( 2330 ـ زوائده ) و الدورقي في " مسند سعد " ( 130 / 1 ) و المخلص في " الفوائد " ( 9 / 17 / 2 )و الحاكم ( 1 / 547 ـ 548 ) من طريق عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها و قال الترمذي : " حديث حسن " و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي فأخطأ لأن خزيمة هذا مجهول قال الذهبي نفسه في " الميزان " : " خزيمة , لا يعرف , تفرد عنه سعيد بن أبي هلال " و كذا قال الحافظ في " التقريب " : " إنه لا يعرف " و سعيد بن أبي هلال مع ثقته حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط و كذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل " لابن حزم ( 2 / 95 ) و لعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث , فإن بعض الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا و لذلك لم يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال فلا يخلو هذا الإسناد من علة الجهالة أو الانقطاع فأنَّى للحديث الصحة أو الحسن ? ! و جهل ذلك أو تجاهله بعض من ألف في سُنيَّة السبحة ! من أهل الأهواء من المعاصرين مقلدا في ذلك شيخه عبد الله الغماري الذي تجاهل هذه الحقائق , فأورد هذا الحديث في " كنزه " ( 103 ) ليتوصل منه إلى تجويز السبحة لمريديه ! ثم إلى تجويز تعليقها على العنق كما يفعل بعض مشايخ الطرق انظر الرد عليه في مقدمة المجلد الثالث من هذه السلسلة ( ص 37 ) ترى العجب العجاب الآخر : عن صفية قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم و بين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال : " يا بنت حُيَيّ , ما هذا ? " قلت : أسبح بهن قال : " قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا " قلت : علمني يا رسول الله قال : " قولي : سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء .. " أخرجه الترمذي ( 4 /274 ) ، و أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 73 / 255 / 1 ) , و الحاكم ( 1 /547 ) من طريق هاشم بن سعيد عن كنانة مولى صفية عنها , و ضعفه الترمذي بقوله : " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي و ليس إسناده بمعروف , و في الباب عن ابن عباس " و أما الحاكم فقال : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي و هذا منه عجب فإن هاشم بن سعيد هذا أورده هو في " الميزان " و قال : " قال ابن معين : ليس بشيء , و قال ابن عدي : مقدار ما يرويه لا يتابع عليه " و لهذا قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " و كنانة هذا مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان ثم استدركت فقلت : لكن قد روى عن كنانة جمع منهم زهير و حديج ابنا معاوية , و محمد بن طلحة بن مصرف , و سعدان بن بشير الجهني و كل هؤلاء الأربعة ثقات يضم إليهم يزيد بن مغلس الباهلي , وثقه جماعة و ضعفه آخرون فسبيل من روى عنه هؤلاء أن يحشر في زمرة من قيل فيه : " صدوق " كما حققته أخيرا في بحث مستفيض فريد في " تمام المنة " ( ص 204 ـ 206 ) فلا تغتر ببعض الجهلة كالسقاف و غيره و عليه فعلة الحديث هاشم فقط و مما يدل على ضعف هذين الحديثين أن القصة وردت عن ابن عباس بدون ذكر الحصى ، و لفظه قال : عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح و هي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى و هي جالسة , فقال : ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ? قالت : نعم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله و بحمده عدد خلقه , و رضا نفسه , و زنة عرشه و مداد كلماته " أخرجه مسلم ( 8 / 83 - 84 ) و الترمذي ( 4 / 274 ) و صححه و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 161 ـ 165 ) و ابن ماجه ( 1 / 23 ) و أحمد ( 6 / 325 و 429 - 430 ) فدل هذا الحديث الصحيح على أمرين : الأول : أن صاحبة القصة هي جويرية , لا صفية كما في الحديث الثاني ! الآخر : أن ذكر الحصى في القصة منكر , و يؤيد هذا إنكار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على الذين رآهم يعدون بالحصى , و قد جاء ذلك عنه من طرق سبق أحدها (2) (2) : وقد أنكر الشيخ الحبشي هذه الطرق المشار إليها ! فرددت عليه بذكر طريق واحد منها بسند صحيح انظر ( ص 44-47 ) من ( الرد على التعقيب الحثيث ) و لو كان ذلك مما أقره صلى الله عليه وسلم لما خفي على ابن مسعود إن شاء الله و قد تلقى هذا الإنكار منه بعض من تخرج من مدرسته ألا و هو إبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه الكوفي , فكان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح التي يسبح بها ! رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 89 / 2 ) بسند جيد (3) (3) : وفي هذا وما قبله رد صريح على الشيخ الحبشي في زعمه أنه لم يسبقني أحد إلى إنكار السبحة . انظر ردي عليه ( ص 44 – 54 ) قد يقول قائل : إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد إذا كان كثيرا فالجواب : إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى و هي : ذكر الله في عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى ، و هي السبحة ! فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة , فيما ثبت لدي إنما هو مئة و هذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهولة لمن كان ذلك عادته و أما حديث : من قال في يوم مئتي مرة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... "الحديث فالمراد : مئة إذا أصبح , و مئة إذا أمسى كما جاء مصرحا به في بعض الروايات الثابتة و بيان ذلك في " الصحيحة " ( 2762 ) و أما ما رواه ابن أبي شيبة ( 2 / 391 ) عن وقاء عن سعيد بن جبير قال : رأى عمر بن الخطاب رجلا يسبح بتسابيح معه فقال عمر : إنما يجزيه من ذلك أن يقول : سبحان الله .... إلخ فهو منكر لوجوه منها الانقطاع بينه و بين سعيد و ضعف وقاء , و هو ابن إياس , و هو لين الحديث و لو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة و هي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت مع اتفاقهم على أنها أفضل ؛ لكفى ! فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل ! ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعه فترى بعض المنتمين لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة ! و بعضهم يعد بها و هو يحدثك أو يستمع لحديثك ! و آخر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أننى رأيت رجلا على دراجة عادية يسير بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس و في إحدى يديه سبحة ! ! يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين ! و كثيرا ما تكون هذه البدعة سببا لإضاعة ما هو واجب فقد اتفق لي مرارا - و كذا لغيري - أنني سلمت على أحدهم فرد علي السلام بالتلويح بها ! دون أن يتلفظ بالسلام ! و مفاسد هذه البدعة لا تحصى فما أحسن ما قال الشاعر : و كل خير في اتباع من سلف ..... و كل شر في ابتداع من خلف ـــــــــــــ نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد لعبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع ( ص : 422 – 430 )