بسم الله خير الأسماء في الأرض وفي السماء ،والصلاة والسلام على خاتم الرسل والأنبياء سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم اللقاء . أما بعد فقد علمنا حبيبنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن نقول في دعائنا ( اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ) وقال الله تعالى في محكم تنزيله (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) فما هو ذلك اليقين وكيف نستطيع الحصول عليه ؟ اليقين بالشيء هو الإيمان به والتأكد منه بشكل لا يقبل الشك فيه ، وهو الفرش الذي تفرش به قلبك قبل أن يسكن الإيمان فيه ، وهو الذي إن تمكن من قلبك هون عليك كل مصائب الدنيا. فهو من ثوابت الإيمان ومسلمات الدين التي لا يصح إيمانك إلا به ويعد الخلل به اخطر من السرقة والزنا . فالخلل في الإيمان ينقسم إلى خلل في العقيدة وهو خلل اليقين والذي يدخل من يصاب بها في دائرة الكفر ، وخلل في السلوك وهو السرقة والزنا والكذب وما نحوها . واليقين يأتي على عدة صورة منها: 1- اليقين بأنك لا تملك لنفسك ضرا ولا نفعا ولا حياة ولا نشورا وأن كل ذلك من الله عز وجل . 2- اليقين بأن الذي خلقك لن ينساك فلا تؤمل بغيره فالله معك إن كنت معه وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ) وقد سأل احد الصحابة رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام : ما منزلتي عند الله؟ . فرد عليه الصلاة والسلام : انظر إلى منزلة الله في قلبك تعرف منزلتك عند الله . 3- اليقين بأن الحياة ممر والآخرة مستقر والدنيا مزرعة الآخرة وبأنك ميت لا محالة وان هذا الموت قد يأتيك في اى لحظة . 4- اليقين بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك 5-اليقين بأن الشوكة يشاكها المؤمن تحط عنه خطيئة وترفعه درجة ، وما زال المؤمن يمشي في البلاء حتى تحط عنه جميع خطاياه . 6- اليقين بأنك عبد لله فالأمر أمر الله والتدبير تدبير الله وأنك فقط تبذل الأسباب والنتائج بيد الله . 7- اليقين بأن النعيم الدائم هو نعيم الجنة وما هذه الدنيا إلا ظل زائل . 8- اليقين بأن الإنسان يؤجر على عمله ، فالجنة لا تطلب بغير عمل وتأتي رحمة الله قبل عملك القليل لتدخلك الجنة . 8- اليقين بأن ما بك من نعمة فهو من الله وحده . 9- اليقين بأن الدنيا دار ابتلاء وامتحان وان هذا الامتحان يكون بالعطاء كما هو بالمنع بل إن اختبار العطاء قد يكون أشد وأن المؤمن يبتلى حسب إيمانه ولذلك كان الأنبياء هم أشد الناس بلاء. فالبلاء قد ينزل على اثنين من البشر فيجزع الأول ويندب حظه بينما ينزل البلاء بردا وسلاما على الآخر لان ما به من يقين قد هون عليه المصيبة فرآها منحة وليست محنة . فذلك اليقين هو الذي جعل عمر بن الخطاب يقول : إذا نزل بي البلاء حمدت الله على أربع : أنها ليست في ديني، وأنها عقوبة عجلت لي في الدنيا ، وأني مأجور عليها ، وأنها لم تكن أشد من ذلك . وهو الذي غير من سلوك الخنساء الشاعرة المشهورة التي فقدت أخاها صخر في الجاهلية فرثته وبكت عليه حتى فقدت بصرها وكانت تقول لولا أن حولي من النساء من يبكون فقدهم لأحبائهم لقتلت نفسي حزنا على فقداني لأخي وعلى الرغم من هذه العاطفة الجياشة التي كان يفيض بها قلبها إلا أنها وبعد إسلامها واستشهاد أبنائها الأربعة في نفس الغزوة قالت بكل يقين وثبات : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم إذن ذلك اليقين هو الذي يهون عليك المصائب والابتلاءات لأنك تعلم انك إن تحزن على نعمة زالت أو نعمة لم تأتك فانك إنما تحزن على ربك فهو المنعم وهو القابض فالشكر يكون على الأخذ كما يكون على العطاء بل إن الإنسان الشاكر أفضل من الإنسان الصابر فقد قال الله تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا امييين يارب وجزاك الله خير
