وهذه رسالة بعث بها إلى أمه مدمن مخدرات تاب إلى الله تعالى: أمي الغالية.. رحمها الله : أحسستُ اليوم أنني محتاج لأن أتقدَّم إليك برسالة اعتذار إلى أحسن أم .. لأنني لم أكن ذلك الابن البار في حقك!!. تربيتُ في حنانكِ وصبرك .. ولكني كنتُ أقابلُ جهودكِ بجحود وعقوق. أسفي لك يا أمي وأنتِ تحت الثرى .. أن تسمعي كلماتي .. وحرقة قلبي أنني لا أستطيع أن أقبَّل الآن يديك!.أقدِّم اعتذاري إلى قلبكِ الحنون .. فقد جلبتُ لكِ الليالي السوداء .. وأذقتك قسوة النكران والجحود..وذلك لأنني أُصبتُ بالإدمان .. وعصفتْ بي عواصف تعاطي المخدرات .. وأصبحتُ مجرد مدمن لا شعور له ولا إحساس!. سؤال وألف سؤال يدور بخاطري عندما أتذكَّرُكِ وقد حرمني الإدمان منكِ لعشرين سنة..كنتِ دوماً تحاولين مساعدتي وتتقرَّبين إليَّ .. ولكنني كنتُ أنا الذي يبتعد عنك.. عزيزتي الغالية أمي: لو سالت دموعي حتى جرت بها الأرض لما غسلتُ ما ألحقتهُ بكِ من مصاعب وأحزان!. ورغم إحساسي الغائب وشعوري المعدوم بسبب تعاطي المخدرات والكحول .. إلا إنني لا أنسى يا أماه عباراتكِ .. ودموعكِ .. ووصاياكِ.. أسمعها حرفاً حرفاً .. ولكن هذا السمَّ البغيض أفقدني البصر والبصيرة .. كانت المخدرات لعنةً أصابتني في بصري .. ونزعت الرحمة من قلبي.. صحيح أن عيناي كانتا مفتوحتين .. ولكني لم أكن أرى سوى أصدقاء السوء..وصحيح أن قلبي كان ينبض .. ولكن لم يكن فيه رحمة لأحد... أفقدتني المخدرات البصيرة، فلم أُصغِ إلى نصائحكِ يا أماه .. لم أكن أقدِّر ثمنها في وقتها .. ولم أعرف قيمتها .. إلا بعد أن فقدتُكِ وفقدتُ كلَّ شيء بعد رحيلك عني.. كنتِ دوماً تقولين أمام الناس بأنني سأكبر وسأكونُ لكِ ساعداً ومعيناً! ماذا عساي أن أقول لكِ؟ وأنا الذي أرغمتُكِ على الخروج من المنزل في منتصف ليلة شديدة البرد إلى الشارع..أخرجتُكِ من البيت بعد أن ركلتُكِ عدة ركلات .. وأنا تحت تأثير المخدِّر .. واستبدلْتُ بك مدمناً يؤنسُ وحشتي .. ويرافقُ وحدتي في البيت! أأقول لكِ: آسف .. وماذا عساه الأسف ينفع؟ .. وأنا الذي أخذتُ جميع ما تملكين من الذهب والمال .. وأنتِ تتوسَّلين ألا أشتري به مخدراً .. بل أصرفه على ما ينفعني!. سامحيني .. سامحيني .. سامحيني يا أماه!!. أمي الغالية: أتذكَّر عندما فاجأتُكِ بأحد أصدقاء السوء.. وقمتُ بإطلاعه على أثاث المنزل.. لأنه كان ينوي أخذ كل ما في البيت كي يزودني بالمخدرات..نظرتِ إليَّ والحسرة تملأ قلبكِ حتى فقدتِ وعيك وأُغمي عليكِ..لم يفِقْ ضميري في تلك اللحظة .. ولم أشعر بأي إحساس بالندم آنذاك.. سامحيني يا أماه على ما بدر مني من عمل مشين يندى له الجبين.. ولكن اعلمي يا أماه أنَّ حياتي قد تغيَّرت الآن .. وأصبحتُ ذلك الرجل الذي كنتِ به تحلمين .. وقد منحتُ حياتي الآن لخدمة الجميع لعلَّ الله يغفر لي ما أسلفتُ!. أمي العزيزة: ها أنذا الآن ذلك الرجل الذي كنتِ ترجين .. فلقد أصبحتُ أرتادُ المساجد .. وأطلبُ العلم .. بدلاً من الجلوس على قارعة الطريق والبحث عن المخدرات!. كان دخولي المسجد هو الخطوة الأولى للعودة إلى الله والإقلاع عن المخدرات. ارقدي يا أماه حيث أنتِ .. واعلمي أني سوف أكون ذلك الرجل الذي كنتِ تتمنَّين..رحمكِ الله يا أماه .. وأسكنكِ فسيح جنَّاته!!.