معركة الجهراء القصر الأحمر بناه المغفور له الشيخ مبارك الكبير عام 1904 ، في الجهرة القديمة على مساحة بلغت 5650 متراً مربعاً ، و شهد في صبيحة العاشر من أكتوبر عام 1920 حرب الدفاع عن تراب الوطن بقيادة المغفور له الشيخ سالم المبارك الصباح حاكم الكويت آنذاك . فعندما نمت على مسامع أهل الديرة استعداد الإخوان لغزو الكويت بقيادة فيصل الدويش بحجة واهية أن أهلها يدخنون السجائر و لا يؤدون الفروض الإسلامية على الوجه الصحيح ، و على أثر ذلك خرج من أهل الكويت ما يقارب 1500 رجل للذود عن حمى الوطن و تمت ملاقاة فلولهم التي بلغ قوامها نحو 3500 من الأعداء المدربين على حروب العصابات ، و اشتد القتال و أخذ أبناء الوطن بحصاد المهاجمين الواحد تلو الآخر ، غير أنه كلما سقطت منهم صفوف جاءت صفوف أخرى و تعالت صيحاتهم المشهورة بـ " هبت هبوب الجنة وينك يا باغيها " . فالأعداء جاءوا منخدعين و محرضين .. و استمر القتال حتى قبيل الظهر عندما تراجع حماة الوطن بالدخول إلى القصر الأحمر ( كتكتيك ) دفاعي و أغلقت بوابته الرئيسية بأكوام كبيرة من أكياس الش*** كوسيلة احترازية من هجوم مباغت لبوابة القصر ، و أخذ أبناء الوطن مواقعهم الدفاعية و بدأ حصاد أعداد الأعداء بالمئات ، إلا أن المهاجمين اعتلوا أشجار النخيل العالية المحيطة بالقصر و بدأ تصويبهم إلى أهل الحمى بشكل مباشر فتصدى لهم المدافعون و بدأوا تصويب بنادقهم نحوهم لحصادهم من فوق النخيل ، و عندما شعر الإخوان بخيبة أملهم ،طلبوا التفاوض و قدموا عريضة تضمنت شروطهم لوقف القتال ، تلخصت بإلزام سكان الكويت بعدم تدخين السجائر و أداء الفروض الإسلامية . و بالطبع فإن المغفور له الشيخ سالم المبارك الصباح رفع علم الكويت الأحمر و المتضمن عبارة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) قد رفض الشروط برمتها وأبلغ مندوبي قادة الإخوان بأن شعب الكويت مسلم و ملتزم بفروضه الإسلامية ، و أن المساجد العديدة مليئة بالمصلين و الركع السجود ، فضلاً عن أخلاقيات مجتمعنا بالماضي المبنية على الصدق و الثقة و شرف المعاملة و الأمانة ، و على أثر ذلك جن جنون الإخوان و شعروا بخيبة أملهم و أصبحوا يجرون ذيول هزيمتهم بعد انكشاف سوء نواياهم ، علاوة على قتلاهم الذين بلغ عددهم ما يزيد 1500 من المعتدين ، أما شهداؤنا الأبرار فكانوا نحو 370 شهيداً معظمهم من كبار السن الذين أخذهم الحماس بالدفاع عن الوطن و الآخرون غير مهيئين للقتال ، أما عدد الجرحى فبلغ عددهم نحو 120 مصاباً . و أخبرني الوالد بالمناسبة أنه عندما كان في الرابعة عشرة من عمره خرج مع مجموعة من شباب الفريج على ظهور الحمير لاستقبال المصابين و حملهم إلى مستشفى الأمريكاني ، وكان قد وضع على ظهر حماره اثنين من المصابين و تم استقبالهم مع جميع المصابين عند مشارف الصليبيخات . بعد هزيمة الإخوان ، جاءت نجدة إضافية عن طريق البحر وبدأت أشرعة السفن الكويتية تلوح للمعتدين من بُعد ، فكان لا مفر من تقهقر فلولهم المهزومة إلى موقع الصبيحية ، أما بعضهم فقد طلبوا الاستسلام . و قد حرص المغفور له الشيخ سالم المبارك الصباح على الطواف بهم في أرجاء مدينة الكويت لرؤية مساجدها العديدة المشيدة على الإيمان و التقوى ، و لنقل رسالة إلى قادتهم بما شاهدوه بأم أعينهم