أحسدُ امرأة.. عانت وتعبت كثيراً، أحسدها لأنها اقتنصت من ال**يبة "نعمةً" متعبةً فعكفت عليها بلا ملل ولا سأم من طول الليالي والسهر.. أحسدها رغم **يبتها.. أمضت هذه "السيدة" عامين ونصف ترعى "أنثى" ميتة جسدياً، وبقيت عند رأسها عامين ونصف تحسب أنفاسها، إذ لم يبق شيء يوحي بحياتها سوى ذاك.. عاشت معها على سريرٍ واحد تُمشط رأسها، وتغسل رجليها كأنها تعتني بطفلة، وعاشت تدلل ذات جسدٍ هامدٍ آخذٍ بالتصاغر بعدما تجاوز التسعين، فحين ترى تفاصيل حياة تلك "السيدة" تُقسم أنها تمارس هواية. بقيت السيدة قرب "والدتها" أكثر مما كانت بين أبنائها، فتعارف أهلها على ذلك فمن احتاجها بحث عنها في المستشفى قبل المنزل. وكنت أظن قلب "المرأة" يحمل من الرحمة ما يعجز عنه قلب "الرجل" حتى رأيت شقيقيها يترددان على المستشفى يومياً لزيارة والدتهما ذات الـ90 عاماً وهي تغط في غيبوبةٍ منذ عامين ونصف ولم تعد تعي شيئاً، وبقي الثلاثة على حالتهم حتى فجر أمس حين ودعت والدتهم الحياة إلى بارئها.. رحمها الله رحمة واسعة.. هذه صورةٌ حقيقيةٌ لدينا منها الكثير، وليتها تظهر، لتغسل ما يكدر النفس من أخبارٍ تتزاحم على صفحاتنا المحلية عن انتهاك للإنسانية بتعدي "عاقٍ" على والدٍ أو والدةٍ، دون استشعار لقيمتهما ودون تقديرٍ لأفعالهما التي أجلها الله..! لسنا مجتمعاً ملائكياً.. إلا أن لدينا أفعالاً ملائكيةً تستحق الإبراز أكثر من أخبار وقصص العقوق والخيانة، هل نعي ذلك قبل أن يسبب كثرة المساس قلة الإحساس؟
ربي يرحم والدتها بواسع رحمته ويجزى ابنتها وابناءها خير الجزاء . . . شاكرة لك حبيبتي هالقصة اللي تثبت ان الدنيا لاتزال بخير . . .