أنقذت فتاة حياة أمها المصابة بابيضاض الدم (اللوكميا) بعدما كان يتوقع لها أن تظل على قيد الحياة لأشهر قليلة؛ حيث تم حقن الأم بخلايا من ابنتها. وتعيش جوان سكوت حالياً في فترة نقاهة بعد عام من حصولها على جرعة الخلايا التي تمثل "القاتل الطبيعي" للسرطان من ابنتها تارا (22 عاماً.) ويعتقد الأطباء أن هذا العلاج الرائد من شأنه أن يحدث ثورة في معالجة الحالات المتأخرة من السرطان. وكان قد تم تشخيص حالة جوان (54 عاماً) بأنها مصابة بحالة حادة من ابيضاض الدم النقياني (المرتبط بنقي العظم). وقد انتكست حالتها الصحية بعد خمس دورات من العلاج الكيميائي. ولم يتسنَّ الحصول على مخ عظام مطابق من متبرع، بينما قال الأطباء إنهم استنفدوا جميع الخيارات ولم يعد أي منها متاحاً أمامهم. أما الخلايا المتبرع بها والتي تمثل القاتل الطبيعي للسرطان فقد تم تنشيطها في المختبر قبل أن تتم زراعتها في جسم جوان، وذلك باستخدام أسلوب جرى تطويره في المستشفى الملكي المجاني في شمال غرب لندن. وقد تضاعف عدد الخلايا الطبيعية القاتلة للسرطان مما أدى إلى دحر السرطان لدى جوان التي تمكنت إثر ذلك من أن تعيش حياتها بصورة عادية وطبيعية. ويقول الأطباء إن العلاج لا يزال في مرحلة التجريب، ولكنهم يأملون أن يفضي إلى الشفاء. وتعد جوان أول شخص في العالم يتم إدراجه في تجريب سريري لهذا العلاج، حيث يتوقع بدء المزيد من التجارب التطبيقية في الدول الأوروبية الأخرى وفي الولايات المتحدة الأمريكية. أما الأطباء البريطانيون الذين يقفون وراء هذا الإنجاز الباهر، فإن الأمل يحدوهم في أن يتم إدخاله إلى حيز الاستخدام الطبي العام في غضون خمسة أعوام مع احتمال توسيع نطاقه ليشمل الأورام الصلبة مثل سرطان الثدي وسرطان المبيض. وقد تحدثت جوان قائلةً إن الأطباء لم يذكروا بوضوح لا لبس فيه أن التجربة كانت تمثل فرصتها الأخيرة للبقاء على قيد الحياة إثر صراعها المرير مع المرض والذي دام أربع سنوات عجاف. وأردفت تقول: "لم يكن الأمر يبدو بائساً ويائساً على هذا النحو برغم أنه لم تعد هنالك أي خيارات متاحة. وعندما نجحت عملية نقل الخلايا نظر الأطباء إلى بعضهم البعض بذهول واستغراب وقد تنفسوا الصعداء. لقد علمت أن هذا لم يتم قط من قبل، لذا افترضت أنني قد لا أبقى على قيد الحياة، ولكنني كنت دائماً أشعر بالإيجابية والتفاؤل." يشار إلى أن هنالك مريضين آخرين خضعا لهذا العلاج حتى تاريخه وهما رجل في الرابعة والسبعين من عمره ونيوزيلندي وقد استمرا على حالة جيدة. وسيتم تسجيل 12 مريضاً آخر في المملكة المتحدة. أما هذا الأسلوب العلاجي، فقد تم تصميمه على يد الدكتور مارك لودل وهو استشاري شرفي لأمراض الجهاز المناعي، وذلك بعد أن رصد إمكانية استخدام خلايا متبرع بها من النوع الذي يعد بمثابة القاتل الطبيعي للسرطان، وذلك لعلاج الحالات المتأخرة من ابيضاض الدم لدى المرضى الذين توقفت الخلايا المماثلة الخاصة بهم عن العمل في حين أن الخلايا المزروعة من متبرعين أصحاء سوف تعيد تحفيز الجهاز المناعي وتمكينه من إبادة الخلايا السرطانية المقاومة. ويتلقى المرضى جرعات صغيرة من العلاج الكيميائي لتخفيف حدة السرطان ومن ثم يتم حقن الخلايا التي تعد بمثابة القاتل الطبيعي للسرطان. وأمضت تارا ثلاث ساعات وهي موصلة بجهاز لسحب الدم منها وهي ذات المحاولة التجريبية التي خاضتها الأم من قبل لزراعة خلايا منها نفسها، ولكن المحاولة باءت بالفشل. وأضافت جوان سكوت تقول: "لقد كانت تارا رائعة بصورة خرافية لا سيما وأنها مصابة برهاب الإبر (الخوف المَرَضِي من الإبر) فانتهى بها الأمر الى أن تبرعت بخلاياها فيما بعد. وقد أمضت ليلة كاملة في المستشفى وفي ذات الوحدة التي كنت فيها ثم ذهبنا إلى المنزل سوياً." وعلى الرغم من أنها اضطرت للعودة إلى المستشفى بعد أيام قليلة وظللت أتردد على المستشفى لمدة ستة أسابيع فإن الأطباء يقولون إن هذا جزء مهم من عملية إعادة شحن الجهاز المناعي وإعادة شحذه. أما الدكتور لودل، فقد أدلى بدلوه بقوله: "نهدف إلى المضي قدماً في الاختبارات التجريبية خلال فترة ثلاث إلى خمس سنوات قادمة لأجل إيجاد أنسب حلقة في منظومة العلاجات. وحتى الآن تم استخدام الطريقة مع المرضى الذين جربوا كل شيء دون جدوى. ومع هذا فإننا نسعى إلى الحصول على المزيد من المعلومات لمعرفة ما إذا كان بمقدور الآخرين الاستفادة من العلاج."