قدوم بني إسرائيل إلى مَصر متى حدث ذلك؟ ولماذا؟ بدأت علاقة بني إسرائيل بمَصر بقوة عندما هاجر سيدنا يعقوب بأهله من فلسطين إلى مِصر حوالي القرن السادس عشر قبل الميلاد على أثر ما حاق بفلسطين من مجاعة و ما أصاب مراعيها من جدب وقحط وجفاف وبداية الأمر أن أبناء يعقوب كانوا في هذه الفترة يترددون على مَصر لقصد التجارة وطلب القوت كالكثير من الكنعانيين فتعرفوا على أخيهم يوسف الذي كان في ذلك الوقت أمينا على خزائن مَصر فأكرمهم وطلب منهم أن يحضروا جميعا ومعهم أبوهم يعقوب إلى أرض مَصر ليعيشوا فيها ويهجروا فلسطين وقد لبَّى يعقوب طلب يوسف فحضروا إلى مَصر وكان عددهم ستا وستين أو سبعا وستين نفسا [1] سوى نسوة أولاده وقد أكرم يوسف مثوى أبيه وأخوته ورقَّق عليهم قلب ملك مَصر في ذلك الوقت وطلب بنو إسرائيل من ملك مَصر أن يسكنهم في أرض جاسان [2] فاستجاب لهم وقال ليوسف (أبوك وأخوتك جاءوا إليك أرض مَصر ففي أفضل أرضها أسكن أباك وأخوتك ليكونوا في أرض جاسان فأسكن يوسف أباه وإخوته وأعطاهم ملكا في أرض مَصر وفى أفضل الأرض وعال يوسف أباه وإخوته وكل بيت أبيه بطعام على حسب الأولاد) ذكر السدي ومحمد بن إسحاق وغيرهما من المفسرين أن السبب الذي من أجله قدم إخوة يوسف بلاد مَصر أن يوسف لما باشر الوزارة بمَصر ومضت السبع سنين المخصبة ثم تلتها السبع السنين المجدبة وعمَّ القحط بلاد مَصر بأكملها ووصل إلى بلاد كنعان وهى التي فيها يعقوب وأولاده فحينئذ احتاط يوسف أكثر للناس في غلاتهم وجمعها أحسن جمع وعليها فقد ورد عليه الناس من سائر الأقاليم يمتارون [3] لأنفسهم وعيالهم فكان لا يعطى الرجل أكثر من بعِير أما هو فكان لا يشبع نفسه وكان في جملة من ورد للميرة أخوة يوسف عن أمر أبيهم لهم في ذلك فإنه بلغهم أن عزيز مَصر يعطى الناس الطعام بثمنه فأخذوا معهم بضاعة يستبدلون بها طعاما وركبوا عشرة نفر واحتبس يعقوب عنده بنيامين شقيق يوسف وكان أحبَّ ولده إليه بعد يوسف فلما وصلوا مَصر ودخلوا على يوسف وهو جالس في أبهته ورياسته عرفهم حين نظر إليهم وهم له منكرون أي لا يعرفونه لأنهم فارقوه وهو صغير وباعوه للسيارة (القافلة ولم يعرفوا أين ذهبوا به؟ ولا كانوا يظنون في أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه فلهذا لم يعرفوه وأما هو فعرفهم وشرع يخاطبهم فقال لهم كالمنكر عليهم[4] : ما أقدمكم إلى بلادي؟ فقالوا : أيها العزيز إنا قدمنا للميرة قال: فلعلكم عيون؟ قالوا : معاذ الله قال: فمن أين أنتم؟ قالوا: من بلاد كنعان وأبونا يعقوب نبي الله قال: وهل له أولاد غيركم؟ قالوا: نعم كنا أثنى عشر فذهب أصغرنا فهلك في البرية وكان أحبنا إلى أبيه وبقى شقيقه فاحتبسه أبوه ليتسلى به عنه (أي لينشغل به أو يُذهب به الحزن عن نفسه) وروى ابن وكيع عن السديّ ما يشبهه ونهايته قال يوسف: فكيف تـخبرونـي أن أبـاكم نبي وهو يحبُّ صغيركم دون الكبـير ؟ ائتونـي بأخيكم هذا حتـى أنظر إلـيه فإنْ لَـمْ تَأَتُونِـي بِهِ فَلا كَيْـلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أبـاهُ وإنَّا لَفـاعِلُونَ قال: فضعوا بعضكم رهينة حتـى ترجعوا فوضعوا شمعون وفى النهاية أمر يوسف بإنزالهم وإكرامهم وهنا سؤال هام له علاقة بسبب استمرار تواجد بني إسرائيل بمَصر من بعد يوسف وأبيه؟ ألا وهو: من الذي كان يحكم مِصر عندما وصل إليها يعقوب وبنوه عندما استدعاهم يوسف ؟يقول المؤرخون: إن الذي كان يحكم مِصر عندما هاجر إليها يعقوب وذريته في حوالي القرن السادس عشر ق م هم الهكِسُوس واله**ُوس كانوا مستعمرون أجانب كانوا جماعات من الرعاة نشأوا في آسيا ثم دخلوا مِصر على أثر المجاعات التي حلت ببلادهم وانتهزوا فرصة انحلال الأسرة الثالثة عشرة الفرعونية وكثرة خلاف ونزاع الأمراء فاستولى اله**ُوس [5] على السلطة في مِصر السفلى (الدلتا) وحكموا مِصر على امتداد عهد أربع أسر من الأسر القديمة التي حكمت حوالي سنة.1675-1570ق م [1] فصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الظاهري [2] اختلف علماء الآثار في تحديد المنطقة التي أقام بها أسباط يعقوب عند مجيئهم إلى مِصر منذ حوالي 34 قرناً مضت وتطلق التوراة اسم جاسان على مكان سكنى إخوة يوسف وقد أوردت التوراة اسم «جاسان» على أنه أرض خصبة تقع شرق الدلتا المِصرية بالقرب من الحدود وهي المنطقة التي سمحت السلطات المِصرية لبني إسرائيل بالإقامة فيها عند نزوحهم إلى مِصر [3] الميرة :جلب الطعام وقال البعض جلب الطعام لبيعه [4] ذكره السدي وغيره [5] اله**ُوس والعماليق: هم أقوام من البدو ولم يكونوا من جنس واحد بل كانوا خليطا من قبائل متعددة.ممن كان يقطن في بلاد الشام وبين النهرين" وكان المِصرين القدماء يطلقون اسم (هكا سوس) على ملوك اله**ُوس في حين كانوا يطلقون اسم (العامو) أو (العاموليق) على شعب اله**ُوس البدوي. منقول من كتاب [بنو اسرائيل ووعد الأخرة] ( يتبع إن شاء الله